آخر المواضيع

الثلاثاء، 10 ديسمبر 2019

التقويم البيداغوجي :

التقويم البيداغوجي :

 


    إنّ المفهوم الجديد للمدرسة لا يحصر وظيفتها في تحصيل المتعلّمين للمعارف والسلوكات والقيم، بل تتعدّاه إلى ضمان القواعد الضرورية لاندماج النشء في الحياة الاجتماعية والاقتصادية؛ ولا يتأتّى ذلك إلاّ بتعليم رفيع يمكّن من بلوغ مستوى راق من المعارف والكفاءات.
    ولمّا كان التقويم في صلب العملية التربوية، فانّه يشكّل حجر الزاوية في الإصلاح البيداغوجي، وتعديل الأداء التربوي، خاصّة عملية تقويم تعلّمات التلاميذ.

ـ الوضعية الحالية للتقويم:

   يتجلّى من خلال تحليل الوضع الراهن، أنّ التقويم كما هو مطبّق حاليا، يعطي الأولوية للحصيلة الدورية لمكتسبات التلاميذ المعرفية، وينحصر أساسا في الاستعمال الإداري، مرتكزا على تنقيط عددي ومعطيات إحصائية ترتبط بالامتحانات الرسمية.
فالتقويم بذلك مختزل في مجرّد القياس البسيط للمعارف المكتسبة، وموظّف لمجرّد اتخاذ القرارات المرتبطة بالمسارات الدراسية للتلاميذ(تدرّج، إعادة، توجيه تلاميذ السنة 9 أساسي والأولى ثانوي...) لذا، ليس له أيّ تأثير على التعلّم الجاري أو التعلّمات التي سبقته، ما عدا آثارها الثانوية -إيجابا أو سلبا- التي يحدثها على الجانب النفسي والعاطفي.
ونظرا لهذا الواقع، فإنّ مفهوم التقويم، ينبغي أن يوضع ضمن إشكالية اندماج مع مسار عملية التعليم والتعلّم، والتحكّم الفعلي في دينامية التغيير التي تتماشى وأهداف الإصلاح.ويقيم تشخيصا للثغرات وصعوبات التعلّم لدى التلميذ، مؤدّيا إلى عمليات علاج يجب القيام بها.

تتضمّن عملية التقويم البيداغوجي ثلاث مراحل:

- مرحلة القياس: وتهدف إلى جمع وتنظيم وتحليل المعطيات وتأويلها؛
- مرحلة الحكم: ويتمّ فيها إبداء الرأي، وإصدار حكم اعتمادا على معطيات موضوعية؛
- مرحلة القرار: التي تلي الحكم الناجم عن المعطيات الموضوعية التي وفّرها القياس.

ـ التقويم البيداغوجي:

    يشكّل التقويم إحدى الركائز الأساسية في عملية تحسين نوعية التعليم ومردود المنظومة التربوية. وعليه، فإنه يعتبر ثقافة يجب تثمينها لدى المتدخّلين في العملية التربوية، ويعمل على تحسين أساليب التقويم الحالية لجعلها تنسجم وروح الإصلاح الذي شرعت فيه وزارة التربية الوطنية .
   ولمّا كانت العلاقة وطيدة بين ممارسات التقويم وعمليه التعليم، فإنّه من الأهمية بمكان أن تكون هذه الممارسات متجانسة وخصوصيات البرامج الجديدة المبنية على أسس المقاربة بالكفاءات، والتي تركّز بدورها على التنمية الشاملة للمتعلّم ولا تكتفي باكتساب المعارف فحسب، بل تعتمد بيداغوجيا اندماجية تكسب التلميذ كفاءات مستدامة يستخدمها في حياته اليومية لمواجهة الوضعيات المشكلة .
وهذا المنحى الجديد للبيداغوجيا، ينبغي أن يتميّز بتفاعل قويّ بين عملية التعليم /والتعلّم وعملية التقويم، وذلك لكون هذا الأخير يؤدّي وظيفتين أساسيتين:
* المساهمة في تصحيح مسار التعليم والتعلّم (التقويم التكويني)،
* المصادقة على كفاءات التلميذ (التقويم التحصيلي ).

ـ المبادئ المنهجية لنظام التقويم التربوي:

  ترتكز النظرة الجديدة لتقويم التعلّمات على أسس و مبادئ، نلخّصها في:
1- التقويم معالجة تهدف إلى الحكم على الكلّ المتكامل من المعارف والقدرات المشكّلة للكفاءة التي تكون في طور البناء؛
2- الممارسات التقويمية مندمجة في المسار التعليمي كمؤشّر يبرز التحسينات المحصّل عليها، والصعوبات التي تعترض التعلّمات، وذلك قصد تحديد العمليات الملائمة للإصلاح والعلاج. والجدير بالذكر أنّ الخطأ لا يعتبر عجزا ما دامت عملية التعلّم لم تنته، بل هو مؤشّر لصعوبة ظرفية يؤدّي تشخيصها إلى معرفة أسبابها والقيام بعلاجها؛
3- أساليب التقويم التحصيلي مؤسّسة على جمع معلومات موثوقة ووجيهة عن المستويات المتدرّجة للتحكّم في الكفاءات المستهدفة، وذلك قصد تكييف التدخل البيداغوجي وفق الحاجات المتباينة للتلاميذ.
4- العلامات (النقاط) المحصّل عليها مرفقة بملاحظات دلالية نوعية، ولا تقتصر على التنقيط العددي؛ وهذا من شأنه دعم المجهود التعلّمي، وربط علاقات تكاملية بين التلميذ و المعلّم والوليّ.
5- التقويم عملية تنطوي على وضعيات تجعل التلميذ يعي استراتيجيات التعلّم، ويبني موقفا شخصيا .

ـ إجراءات التقويم:

   والجدير بالذكر أن النشاطات التقويمية تنظّم وفق تدرّج التعلّمات التي تتخلّلها نشاطات خاصّة بإدماج مكتسبات التلاميذ، يتعوّدون من خلالها على توظيف معارفهم المكتسبة ومهاراتهم في إيجاد الحلول المناسبة لوضعيات مشكلة متدرّجة الصعوبة، على أن تجري هذه العمليات في نهاية كلّ وحدة تعلّمية على شكل استجوابات أو فروض محروسة، أو في نهاية مجموعة من الوحدات التعلّمية على شكل فرض محروس أو اختبار. أمّا التقويم في نهاية، الطور، فهو امتحان يقيس مدى تحكّم التلاميذ في اللغات الأساسية وفقا لمستويات الكفاءات التي سطّرتها المناهج التعليمية.
     ولا بدّ أن تستجيب اختبارات التقويم لمجموعة من المباديء التي تضمن مصداقيتها المتمثّلة في الموضوعية والعدل والإنصاف، وذلك اعتمادا على عدد من المبادئ التي تتضمّنها المذكرات الخاصة بكل مادة؛ كما ينبغي أن ترفق النقطة الممنوحة لكلّ تقويم بعد التصحيح بملاحظة نوعية خاصّة بكلّ تلميذ، تعبّر عن النتائج التي حقّقها أو الصعوبات التي واجهها، ومستوى الكفاءات التي حقّقها، مبتعدين بذلك عن تلك الملاحظات العامّة التي لا تفيد المتعلّم في شيء (مثل: ضعيف، غير كاف، متوسط...). إلى جانب ذلك، فعلى المدرّس أن ينظّم حصصا لتصحيح الفروض والاختبارات وبناء أجوبة نموذجية، معتمدا في ذلك على تقنيات التصحيح الذاتي والتصحيح الجماعي التي تعتمد في نشاطات العلاج البيداغوجي




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق